شيع أمس أهالي «الرقاب» من ولاية سيدي بوزيد جثمان ابنتهم «نورة» التي لم تبلغ بعد ربيعها الثالث والعشرين الى مثواها الأخير، إثر مصرعها ليلة الاربعاء الفارط في حدود الساعة السادسة والنصف على يد زميل لها في المؤسسة، ترصدها وطعنها بآلة حادة عدة طعنات، وحاول التحصن بالفرار.
«الشروق» كانت نشرت (في عدد أمس الأول تفاصيل المأساة الأولى) والتقت عائلة الفقيدة نورة (23 عاما) قبل عودتهم الى مسقط رأسهم (بالرقاب) من ولاية سيدي بوزيد لمواراتها مثواها الأخير.
نورة البنت المدللة لعائلة متوسطة الحال وهي أكبر إخوتها تقيم بالعاصمة منذ حوالي 5 سنوات وتشارك ابن عمها وابنة عمّها السكن في منزل بالحي القريب من مقر عملها (مؤسسة خاصة) والذي لا يبعد سوى حوالي 200 متر عن البيت.
كانت نورة تعمل نهارا وتعود مباشرة الى البيت كعادتها لكن المأساة التي جدت أحداثها ليلة الاربعاء قلبت موازين حياة الأسرة المحافظة وأدخلت في نفسها الحزن على فقدان فلذة كبها و»نوارة» العائلة التي يشهد لها جميع الأجوار بالاستقامة.
يقول عمّ الضحية: «لقد ارتبطت ابنة أخي بعلاقة زمالة مع شخص يقاسمها العمل داخل المؤسسة وهو شاب أصيل سليانة واتفقا على التحضير لحفل الخطوبة، وكنا على علم بالواقعة، لكن مع مرور الأيام حدثت بينهما اختلافات في الآراء انتهت برفض نورة الارتباط به ورفض الخطوبة، ويبدو أن هذا الأمر حزّ في نفسه لكونها رفضته زوجا.
استعداد للعشاء
ليلة الواقعة عادت نورة الى البيت مباشرة اثر انتهاء حصتها في العمل بالمؤسسة يقول ابن عم الضحية نورة السيد أحمد الذي كان متابعا لوقائع الفاجعة مضيفا، لقد كنا بالمنزل، كانت زوجتي تعد طعام العشاء حين غادرت نورة البيت لشراء الخبز من المخبزة القريبة من المنزل، طرق أحدهم الباب اثر خروجها مباشرة طرقا عنيفا، خرجنا لاستجلاء الأمر.
وأعلمنا الطارق أن نورة تعرضت للطعن وأنها ملقاة بالخارج، أسرعنا الى خارج المنزل، كانت ممدّدة على الأرض وغارقة في بركة من الدماء لا تتحرك تأكدنا من أنها ماتت فقد غطّت دماؤها الأرض، كان المشهد اقرب الى كابوس فقبل لحظات قليلة فقط كانت حية بيننا وخرجت فقط لجلب الخبز للعشاء.
ويضيف أفراد عائلة نورة الذين التحقوا بمنزل أحد الاقارب بجهة بومهل في انتظار اتمام اجراءات نقل جثة نورة الى مسقط رأسها، كانوا في حالة نفسية سيئة للغاية، كيف لا، وابنة شقيقهم كانت في رعايتهم، وأفادنا عم الضحية الذي كان حزينا جدا ونبرات صوته المتقطع «لقد كانت نوارة العائلة الكل يعرفها بالحي يشاهدونها صباحا حين تغادر المنزل للالتحاق بمقر عملها القريب ويشاهدونها في الساعة السادسة حين تعود الى البيت، هكذا كان توقيتها طيلة السنوات الأربع التي عملت فيهم وأضافت نقلا عن شهود عيان لقد ترصدها (القاتل) وبمجرد أن شاهدها تغادر البيت باغتها وطعنها طعنة أولى، لم تقتلها، كان بصدد الهرب حين شاهدها تتحامل عن نفسها وتحاول الوقوف، عاد اليها من جديد وأصابها بطعنات أخرى حتى تأكد من موتها لقد شاهدها الحاضرون ترتعش وهي تحتضر قبل أن تسلم الروح الى خالقها.
فشل في الهروب
ويضيف أفراد العائلة «بعد تنفيذه لجريمته حاول التحصن بالفرار ركض الى الشارع الرئيسي وركب في سيارة أجرة «لواج» توقفت بالمكان، لكن أبناء الحي ركبوا سيارة والتحقوا به وعلى مستوى المفترق توقف سائق سيارة اللّواج عند الاشارة الحمراء، استغل الشاب المشبوه فيه الفرصة وفتح الباب وأطلق ساقيه للريح، ومباشرة هرب الى مقر مركز الحرس الوطني حيث قدم نفسه، خوفا من تعرضه لردّة فعل من العائلة.
لقد وقعت الجريمة في لحظات معدودات، أعلم الحاضرون الجهات الامنية بالفاجعة فحضروا الى موقع الجريمة وحين حضر أعوان الحماية المدنية الى المكان أكدوا لنا أن نورة فارقت الحياة، واعترف هو بجريمته وبترصده لنورة وقتلها، وقتل فرحة أسرتها التي كانت تنتظرها كل عيد لتعود اليهم محمّلة بالهدايا.
منقول